10-30-2014, 11:00 PM | #1 |
مالك الموقع
تاريخ التسجيل: May 2014
المشاركات: 6,563
|
عكرمة بن أبي جهل
عكرمة بن أبي جهل ( سيأتيكم عكرمة مؤمنا مهاجرا ، فلا تسبوا أباه ، فان سب الميت يؤذي الحي و لا يبلغ الميت ) . محمد رسول الله . ( مرحبا بالراكب المهاجر ). من تحية النبي له . كان في أواخر العقد الثالث من عمره حين صدع نبي الرحمة بدعوة الهدي و الحق . و كان من أكرم قريش حسبا و أكثرهم مالا و أعزهم نسبا . و كان جديرا به أن يسلم كما اسلم نظراؤه ، من أمثال سعد بن أبي وقاص ، و مصعب بن عمير ، و غيرهما من أبناء البيوتات المرموقة في مكة لولا أبوه . فمن يكن هذا الأب يا تري ؟!. انه جبار مكة الأكبر ، و زعيم الشرك الأول ، و صاحب النكال الذي امتحن الله ببطشه ايمان المؤمنين فثبتوا ..... و اختبر به صدق الصادقين فصدقوا ....... انه فرعون هذه الأمة .......... انه أبو جهل ، و كفى .......... هذا أبوه أما هو فعكرمة بن أبي جهل المخزومي ، احد صناديد قريش المعدودين و أبرز فرسانها المرموقين . * * * وجد عكرمة بن أبى جهل نفسه مدفوعا بحكم زعامة أبيه الى مناوأة محمد عليه الصلاة والسلام فعادى الرسول صلى الله عليه وسلم أشد العداء وأذى أصحابه أفدح الايذاء وصب على الاسلام والمسلمين من النكال ما قرت به عين أبيه . ولما قاد أبوه معركة الشرك يوم (بدر) وأقسم بالات والعزى ألا يعود الى مكة الا اذا هزم محمدا نزل وأقام عليها ثلاثا ينحر الجزور ويشرب الخمور وتعزف له القيان بالمعازف .... لما قاد أبو جهل هذه المعركة كان ابنه عكرمة عضده الذى يعتمد عليه ويده التى يبطش بها . ولكن الللات والعزى لم يلبيا نداء أبى جهل لأنهما لا يسمعان .... ولم ينصراه فى معركته لأنهما عاجزان .... فخر صريعا دون (بدر) ورأه ابنه عكرمة بعينيه ورماح المسلمين تنهل من دمه وسمعه بأذنيه وهو يطلق أخر صرخة انفرجت عنها شفتاه . * * * عاد عكرمة الى مكة بعد أن خلف جثة سيد قريش فى (بدر) فقد أعجزته الهزيمة عن أن يظفر بها ليدفنها فى مكة وأزعمه الفرار على تركها للمسلمين فألقوها فى (القليب) مع العشرات من قتلى المشركين وأهالوا عليها الرمال . * * * ومنذ ذلك اليوم أصبح لعكرمة بن أبى جهل مع الاسلام شأن أخر .... فقد كان يعاديه فى بادئ الأمر حمية لأبيه فأصبح يعاديه اليوم ثأرا له . ومن هنا انبرى عكرمة ونفر ممن قتل أباؤهم فى (بدر) يورثون نار العداوة فى صدور المشركين على محمد صلى الله عليه وسلم ويضرمون جذوة الثأر فى قلوب الموتورين من قريش حتى كانت وقعة (أحد) . * * * خرج عكرمة بن أبى جهل الى (أحد) وأخرج معه زوجه أم حكيم لتقف مع النسوة الموتورات فى (بدر) وراء الصفوف وتضرب معهن على الدفوف تحريضا لقريش على القتال وتثبيتا لفرسانها اذا حدثتهم أنفسهم بالفرار. * * * وجعلت قريش على ميمنة فرسانها خالد بن الوليد وعلى ميسرتهم عكرمة بن أبى جهل وأبلى الفارسان المشركان فى ذلك اليوم بلاء رجح كفة قريش على محمد وأصحابه وحقق للمشركين النصر الكبير مما جعل أبا سفيان يقول : هذا يوم بدر . * * * وفى يوم (الخندق) حاصر المشركون المدينة أياما طويلة فنفذ صبر عكرمة بن أبى جهل وضاق ذرعا بالحصار فنظر الى مكان ضيق من الخندق وأقحم جواده فيه فاجتازه ثم اجتازه وراءه بضعة نفر فى أجرا مغامرة ذهب ضحيتها عمرو بن عبد ود العامرى .... أما هو فلم ينجه الا الفرار . * * * وفى يوم الفتح رأت قريش أن لا قبل لها بمحمد وأصحابه فأزمعت على أن تخلى له السبيل الى مكة وقد أعانها على اتخاذ قرارها هذا ما عرفته من أن الرسول عليه الصلاة والسلام أمر قواده ألا يقاتلوا الا من أهل مكة . * * * لكن عكرمة بن أبى جهل ونفرا معه خرجوا على أجماع قريش وتصدوا للجيش الكبير فهزمهم خالد بن الوليد فى معركة صغيرة قتل فيها من قتل منهم ولاذ بالفرار من أمكنه الفرار وكان فى جملة الفارين عكرمة بن أبى جهل . * * * عند ذلك أسقط فى يد عكرمة .... فمكة نبت به بعد أن خضعت للمسلمين . والرسول صلوات الله عليه عفا عما سلف من قريش تجاهه .... لكنه استثنى منهم نفرا سماهم وأمر بقتلهم وان وجدوا تحت أستار الكعبة . وكان فى طليعة هؤلاء النفر عكرمة بن أبى جهل لذا تسلل متخفيا من مكة ويمم وجهه شطر (اليمن ) اذ لم يكن له ملاذ الا هناك . * * * عند ذلك مضت أم حكيم زوج عكرمة بن أبى جهل وهند بنت عتبة الى منزل رسول الله صلوات الله وسلامه عليه ومعهما عشر نسوة ليبايعن النبى عليه الصلاة والسلام فدخلن عليه وعنده اثنتان من أزواجه وابنته فاطمة ونساء من نساء بني عبد المطلب فتكلمت هند وهى متنقبة قالت : يا رسول الله الحمد لله الذى أظهر الدين الذى اختاره لنفسه وانى لأسألك أن تمسنى رحمك بخير فانى امرأة مؤمنة مصدقة .... ثم كشفت عن وجهها وقالت : هند بنت عتبة يا رسول الله . فقال لها الرسول عليه الصلاة والسلام : مرحبا بك . فقالت : والله يا رسول الله ما كان على وجه الأرض بيت أحب الى أن يذل من بيتك ولقد أصبحت وما على وجه الأرض بيت أحب الى أن يعز من بيتك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وزيادة أيضا . ثم قالت أم حكيم زوج عكرمة بن أبى جهل فأسلمت وقالت : يا رسول الله قد هرب منك عكرمة الى (اليمن) خوفا من أن تقتله فأمنه أمنك الله فقال عليه السلام : (هو أمن ) . فخرجت من ساعتها فى طلبه ومعها غلام لها رومى فلما أوغلا فى الطريق راودها الغلام عن نفسها فجعلت تمنيه وتماطله حتى قدمت على حى من العرب فاستعانتهم عليه فأوثقوه وتركوه عندهم . ومضت هى الى سبيلها حتى أدركت عكرمة عند ساحل البحر فى منطقة (تهامة ) وهو يفاوض نوتيا مسلما على نقله والنوتى يقول له : أخلص حتى أنقلك . فقال له عكرمة : وكيف أخلص ؟. قال : تقول أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله . فقال عكرمة : ما هربت الا من هذا . وفيما هما كذلك اذ أقبلت أم حكيم على عكرمة وقالت : يا ابن عم جئتك من عند أوصل الناس وأبر الناس وخير الناس .... من عند محمد بن عبد الله .... وقد استأمنت لك منه فأمنك فلا تهلك نفسك فقال : أنت كلمته ؟. قالت : نعم أنا كلمته فأمنك .... وما زالت به تؤمنه وتطمئنه حتى عاد معها . ثم حدثته حديث غلامهما الرومى فمر به وقتله قبل أن يسلم . وفيما هما فى منزل نزلا به فى الطريق أراد عكرمة أن يخلو بزوجته فأبت ذلك أشد الاباء وقالت : انى مسلمة وأنت مشرك .... فتملكه العجب وقال : ان أمرا يحول دونك ودون الخلوة بى لأمر كبير . فلما دنا عكرمة من مكة قال الرسول عليه الصلاة والسلام لأصحابه : (سيأتيكم عكرمة بن أبى جهل مؤمنا مهاجرا فلا تسبوا أباه فان سب الميت يؤذى الحى ولا يبلغ الميت ) . وما هو الا قليل حتى وصل عكرمة وزوجه الى حيث يجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأه النبى صلوات الله عليه وثب اليه من غير رداء فرحبا به .... ولما جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف عكرمة بين يديه وقال : يا محمد ان أم حكيم أخبرتنى أنك أمنتنى .... فقال النبى عليه الصلاة والسلام :( صدقت فأنت أمن ). فقال عكرمة : الام تدعو يا محمد ؟. قال : (أدعوك الى أن تشهد أن لا اله الا الله وأنى عبد الله ورسوله وأن تقيم الصلاة وأن تؤتى الزكاة .... ) حتى عدد أركان الاسلام كلها . فقال عكرمة : والله ما دعوت الا الى حق وما أمرت الا بخير. ثم أردف يقول : قد كنا فينا والله قبل أن تدعو الى ما دعوت اليه وأنت أصدقنا حديثا وأبرنا برا.... ثم بسط يده وقال : انى أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم قال : يا رسول الله علمنى خير شئ أقوله . فقال : (تقول :أشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله) . فقال عكرمة : ثم ماذا ؟. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أشهد الله وأشهد من حضر أنى مسلم مجاهد مهاجر )....فقال عكرمة ذلك . عند هذا قال له الرسول صلوات الله عليه : ( اليوم لا تسألنى شيئا أعطيه أحدا الا أعطيتك اياه ) فقال عكرمة : انى أسألك أن تستغفر لى كل عداوة عاديتكما أو مسير أوضعت فيه أو مقام لقيتك فيه أو كلام قلته فى وجهك أو غيبتك . فقال الرسول عليه الصلاة والسلام : ( اللهم اغفر له كل عداوة عادانيها وكل مسير سار فيه الى موضع يريد به اطفاء نورك واغفر له ما نال من عرضى فى وجهى أو أنا غائب عنه ) فتهلل وجه عكرمة بشرا وقال : أما والله يا رسول الله لا أدع نفقة أنفقها فى صد عن سبيل الله الا أنفقت ضعفها فى سبيل الله ولا قتالا قاتلته صدا عن سبيل الله الا قاتلت ضعفه فى سبيل الله . ومنذ ذلك اليوم انضم الى موكب الدعوة فارس باسل فى ساحات القتال عباد قوام قراء لكتاب الله فى المساجد فقد كان يضع المصحف على وجهه ويقول: كتاب ربى ....كلام ربى....وهو يبكى من خشية الله . * * * بر عكرمة بما قطعه للرسول صلى الله عليه وسلم من عهد فما خاض المسلمون معركة بعد اسلامه الا وخاضها معهم ولا خرجوا فى بعث الا كان طليعتهم . وفى يوم (اليرموك) أقبل عكرمة على القتال اقبال الظامى على الماء البارد القائظ . ولما اشتد الكرب على المسلمين فى أحد المواقف نزل عن جواده وكسر غمد سيفه وأوغل فى صفوف الروم فبادر اليه خالد بن الوليد وقال : لا تفعل يا عكرمة فان قتلك سيكون شديدا على المسلمين . فقال : اليك عنى يا خالد .... فلقد كان لك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابقة أما أنا وأبى فقد كنا من أشد الناس على رسول الله فدعنى أكفر عما سلف منى ثم قال : لقد قاتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مواطن كثيرة وأفر من الروم اليوم ؟!.... ان هذا لن يكون أبدا . ثم نادى فى المسلمين : من يبايع على الموت ؟ فبايعه عمه الحارث بن هشام وضرار بن الأزور فى أربعمائة من المسلمين فقاتلوا دون فسطاط خالد رضى الله عنه أشد القتال وذادوا عنه أكرم الذود . ولما انجلت معركة (اليرموك) عن ذلك النصر المؤزر للمسلمين كان يتمدد على أرض (اليرموك) ثلاثة مجاهدين أثخنتهم الجراح هم : (الحارث بن هشام ؛ وعياش بن أبى ربيعة ؛ وعكرمة بن أبى جهل ) فدعا الحارث بماء ليشربه فلما قدم له نظر اليه عكرمة .... فقال : ادفعوه اليه .... فلما قربوه منه نظر الى عياش ....فقال : ادفعوه اليه .. فلما دنوا من عياش وجدوه قد قضى نحبه .... فلما عادوا الى صاحبيه وجدوهما قد لحقا به . رضى الله عنهم أجمعين .... وسقاهم من حوض الكوثر شربة لا يظمأون بعدها .... وحباهم خضراء الفردوس يرتعون فيها أبدا ....
__________________
لا إله إلا أنت سبحانك إنّي كنت من الظّالمين |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء : 0 , والزوار : 1 ) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|