صهيب الرومي

[اللحالي]

( ربح البيع يا أبا يحيى ... ربح البيع ) - محمّد رسول الله .


ومن منا معشر المسلمين ..لا يعرف صهيب الرومي.،ولا يلم بطرف من اخباره ونتف من سيرته؟!



ولكن الذي لا يعرفه الكثير منا هو ان صهيبا لم يكن روميا،وانما كان عربيا خالصا،نميري الاب تميمي الام
ولانتساب صهيب إلى الروم قصه ما تزال تعيها ذاكرة التاريخ،وترويها اسفاره.
فقبل البعثه بحوالي عقدين من الزمان كان يتولى الابله سنان بن مالك النميري ،من قبل كسرى ملك الفرس وكان احب اولاده اليه طفل لم يجاوز الخامسه من عمره،دعاه صهيبا .
كان صهيبا ازهر الوجه ،احمر الشعر متدفق النشاط ذا عينين تتقدان فطنه ونجابه.
وكان إلى ذلك ممراحا ،عذب الروح ،يدخل السرور على قلب ابيه،وينتزع منه هموم الملك انتزاعا.



مضت ام صهيب مع ابنها الصغير وطائفه من حشمها وخدمها إلى قرية "الثنى" من ارض العراق طلبا للراحه والاستجمام، فاغارت على القريه سريه من سرايا جيش الروم ،فقتلت حراسها ،ونهبت اموالها ،واسرت ذراريها فكان في جملة من اسرتهم صهيب .



بيع صهيب في اسواق الرقيق ببلاد الروم ،وجعلت تتداوله الايدي فينتقل من خدمة سيد إلى خدمة اخر ،شانه ذلك كشان الالاف المؤلفه من الارقاء الذين كانوا يملاون قصور بلاد الروم .




وقد اتاح ذلك لصهيب ان ينفذ إلى اعماق المجتمع الرومى،وان يقف عليه من داخله ،فراى بعينيه ما يعشش في قصوره من الرذائل والموبقات وسمع باذنيه ما يرتكب فيها من المظالم والماثم ،فكره ذلك المجتمع وازدراه وكان يقول في نفسه :ان مجتمعا كهذا لا يطهره الا الطوفان.


وعلي الرغم من أن صهيبا قد نشأفي بلاد الروم، وشب علي أرضها وبين اهلها .
وعلي الرغم من انه نسى العربية أو كاد ينساها،فانه لم يغب عن باله قط أنه عربي من ابناء الصحراء...
ولم تفتر أشواقه لحظه الي اليوم الذي يتحرر قيه من عبوديته، ويلحق ببني قومه.
وقد زاده حنينا الي بلا العرب فوق حنينه،انه سمع كاهنا من كهنة النصاري يقول لسيد من اسياده:
لقد اطل زمان يخرج فيه من مكه في جزيرة العرب نبي يصدق رساله عيسي بن مريم،ويخرج الناس من الظلمات الي النور.


ثم أتيحت الفرصه لصهيب فولي هاربا من رق اسيادة ويمم وجهه شطر مكة ام القري ومئل العرب،ومبعث النبي المرتقب
ولما ألقي عصاه فيها أطلق الناس عليه اسم صهيب الرومي للكنه لسانه وحمرة شعره


وقد حالف صهيب سيدا من سادات مكه هو عبد الله بن جدعان وطفق يعمل في التجارة ،فدرت عليه الخير الوفير والمال الكثير


غير ان صهيبا لم تنسه تجارته ومكاسبه حديث الكاهن النصرانى،فكان كلما مر كلامه بخاطره يسائل نفسه في لهفه:متى يكون ذلك؟!
وما هو الا قليل حتى جاءه الجواب.


ففي ذات يوم عاد صهيب إلى مكه من احدى رحلاته،فقيل له ان محمد ابن عبد الله قد بعث وقام يدعو الناس إلى الايمان بالله وحده،ويحضهم على العدل والاحسان ،وينهاهم عن الفحشاء والمنكر.



فقال: اليس هو الذي يلقبونه بالامين ؟!
فقيل له :بلا.
فقال له :واين مكانه؟
فقيل له :في دار الارقم بن ابي الارقم عند الصفا........
ولكن حذار من ان يراك احد من قريش ،فان راوك فعلو بك ....وفعلو وانت رجل غريب لا عصبيه لك تحميك ،ولا عشيرة عندك تنصرك


مضى صهيب إلى دار الارقم حذرا يتلفت،فلم بلغها وجد عند الباب عمار بن ياسر ،وكان يعرفه من قبل ،فترددلحظه ثم دنا منه وقال:ما تريد يا عمار؟
فقال عمار:بل ما تريد انت؟
فقال صهيب اردت ان ادخل على هذا الرجل،فاسمع منه ما يقول.
فقال عمار:وانا اريد ذلك ايضا.
فقال صهيب:اذا ندخل معا على بركة الله
دخل صهيب بن سنان الرومي وعمار بن ياسر على رسول الله صلى الله عليه وسلمواستمعا إلى ما يقول،فاشرق نور الايمان في صدريهما،وتسابقا في مد ايديهما اليه،وشهدا ان لا اله الا الله، وان محمدا عبده ورسوله، وامضيا سحابة يومهما عنده ينهلان من هديه وينعمان بصحبته.
ولما اقبل الليل،وهدات الحركه،خرجا من عنده تحت جنح الظلام،وقد حمل كل منهما من النور في صدره ما يكفي لاضاءة الدنيا باسرها


تحمل صهيب نصيبه من اذى قريش مع بلال وعمار وسميه وخباب وغيرهم من عشرات المؤمنين،وقاسى من نكال قريش ما لو نزل بجبل لهده فتلقى ذلك كله بنفس مطمئنه صابره،لانه كان يعلم ان طريق الجنه محفوف بالمكاره.


ولما اذن الرسول لأصحابه بالهجرة الي المدينة،عزم صهيب علي أن يمضي في صحبة الرسول وابي بكر؛ لكن قريشا شعرت بعزمه علي الهجرة فصدته عن غايته، واقامت عليه الرقباء حتي لا يفلت نت ايديهم، ويحمل معه مادرته عليه التجارة من فضة وذهب.


ظل صهيب بعد هجرة الرسول وصاحبه يتحين الفرص للحاق بهما فلم يفلح؛ اذا كانت أعين الرقباء ساهرة عليه متيقظة له؛ فلم يجد سبيلا غير اللجوء الي الحيلة.
في ذات ليله بارده اكثر صهيب من الخروج إلى الخلاء كانه يقضي الحاجه،فكان لا يرجع من قضاء حاجته حتى يعود اليها

فقال بعض رقبائه لبعض:طيبوا نفسا فان الات والعزى شغلته ببطنه..............
ثم اووا إلى مضاجعهم واسلموا عيونهم إلى الكرى فيسلل صهيب من بينهم ،ويمم وجهه شطر المدينه


لم يمضي غير قليل على رحيل صهيب حتى فطن له رفقاؤه ،فهبوا من نومهم مذعورين ،وامتطوا خيولهم السوابق،واطلقوااعنتها خلفه حتى ادركوه

.فلما احس بهم،وقف على مكان عال واخرج سهامه من كنانته ووتر قوسه وقال :يا معشر قريش ،لقد علمتم والله اني من ارمى الناس واحكمهم اصابه ...
ووالله لا تصلون إلى حتى اقتل بكل سهم معي رجلا منكم .
ثم اضربكم بسيفي ما بقي في يدي شيء منه.فقال قائل منهم:والله لا ندعك تفوز منا بنفسك وبمالك.........
لقد اتيت مكه صعلوكا فقيرا فاغتنيت وبلغت ما بلغت.
فقال:ارايتم ان تركت لكم مالى،اتخلون سبيلى؟
قالوا: نعم
فدلهم على موضع ماله في بيته في مكه،فمضوا اليه واخذوه منه ،ثم اطلقوا صراحه


اخذ صهيب يغذ السير نحو المدينه فارا بدينه إلى الله،غير اسف على المال الذىانفق في جنية زهرة العمر.
وكان كلما ادركه الونى واصابه التعب ،استفزه الشوق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعود اليه نشاطه ،ويواصل سيره.
فلما بلغ قباء راه الرسول صلوات الله وسلامه عليه مقبلا، فهش له وبش وقال:
ربح البيع يا ابا يحيى ربح البيع)وكررها ثلاثا.
فعلت الفرحه وجه صهيب وقال:
والله ما سبقني اليك احد يا رسول الله.
وما اخبرك به الا جبريل .


حقا لقد ربح البيع....
وصدق ذلك وحي السماء....
وشهد عليه جبريل........حيث نزل في صهيب قول الله تعالىومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله،والله رؤوف بالعباد)


فطوبى لصهيب بن سنان الرومي ، وحسن ماب *

اصايل معجب بهذا