اللحالي
11-12-2018, 10:21 PM
( حب متأخر )
مقال جميل أعجبني
يقول كاتب المقال :من حيث المبدأ
نحن متساوون في الحقوق والواجبات بل في ساعات المكوث في البيت أيضاً
فمهنتي كاكاتب لا تتطلب مني الخروج اليومي إلى العمل ولا الذهاب إلى الصحيفة
ولا الالتزام بالجلوس خلف المكتب من الثامنة إلى الثالثة كالموظف المعتاد
فغالباً أقضي نهاراتي في البيت
*الزوجة* تفكر في طبخة العيال
*وأنا* أفكّر في طبخة المقال
هذا الجلوس الطويل كشف لي عن أهمية
« ظل الرجل»في البيت
فعندما يحضر *الأولاد* من المدرسة
ينحنون نحو اليسار بحثاً عن *أمهم*
ولا ينحنون إلى اليمين حيث مكتبي بحثاً *عنّي*
رغم أن مكتبي مقابل للمطبخ تماماً
لا أتوقّف كثيراً حول
هذا « *التطنيش* »
أحياناً أسمع *أمهم* تقول لهم:
« سلمتوا على *أبوكم*؟
روحوا سلموا »
بين هذا الطلب وتنفيذه
يستغرق الأمر من ربع إلى نصف ساعة
ولا أتوقف كثيراً حول
هذا « *التطنيش* » أيضاً
فالدنيا زحمة
والطرق المؤدية من المطبخ إلى غرفتي تشهد ازدحاماً مرورياً كبيراً
بسبب « حلة المدارس »
وقد يستغرق منهم الوصول *إليّ* وقتاً أطول في نهاية المطاف يصلون *نحوي* فرادى وبقبلٍ باردة ممزوجة
بطعم الشيبس الحار وعلكة الفراولة
بعد أن يكونوا قد أكلوا ما أحضروه من مدارسهم الخميس الماضي وفور وصول أكبر الأبناء
خرجت بالصدفة من مكتبي لأرتدي سترة من غرفة النوم
فوجدته يقف في المطبخ يهمّ بمناولة« الست الوالدة »شيئاً ما
وعندما *رآني* تراجع وأخفاه خلف ظهره فأكملت طريقي دون انتباه
وعند العودة ضبطته وهو يضع قربها
« أصبع شوكولاتة» فاخراً
قد اشتراه لها من مصروفه وعندما رآني خجل مني ولم يعرف كيف يتدارك الموقف
ثم بعد ثوانٍ حاول أن يخرج من جيبه حبة حلوى « ليمون»كانت ملتصقة في قعر الجيب بالكاد أخرجها
وعليها بعض قطع المحارم محاولاً إهدائي إياها شكرته وأعدتها إلى جيبه
أنا لا أتوقف كثيراً حول هذا « التمييزالعنصري »
صحيح أن *الشوكولاتة* التي اشتراها *لأمه* لذيذة جداً
ونفسي فيها إلى هذه اللحظة لكنني لا أنزعج من ميلهم كل الميل*نحو أمهم* .
رغم كدّ *الأب* وسفر *الأب*وتعب *الأب* وحنان *الأب*
إلا أن الجنوح يكون
*نحو الأم*
وهذه طبيعة فطرية لا نتحكّم فيها
الغريب أن *الأولاد*لا يكتشفون حبّهم الجارف *لآبائهم*إلا متأخراً
إما بعد الرحيل وإما بعد المرض وفقدان الشهية للحياة وهذا حب متأخر كثيراً حسب توقيت *الأبوة*
الآن كلما تهت في قرارأو ضاق عليّ طوق الحياةأو ترددت في حسم مسألة
تنهّدت وقلت :« *وينك يا بابا* »
لو أعرف أن العمر قصير إلى هذا الحد
لكنت أكثر قرباً منك
*انتهى المقال*
*تعليق أحد الفضلاء* :
نحن نعرف قيمة *الملح* عندما نفقده في الطعام
وقيمة *الأب* عندما *يموت* ويشغر مكان جلوسه في البيت
إذ عندما *يموت* يفتقد *الأبناء* وجود ذلك البطل في حياتهم الذي كان يقودهم بثبات إلى بر الأمان
فالأسرة كلها مع *الأب* في رحلة الحياة
كراكبي قطار في سفر طويل لا يعرفون قيمة قائد القطارإلا عندما يتعطل بهم
ويبدأ قائده في التفاني لإصلاحه وإعادة تشغيله رغم ضخامته
*الأب وحده*
هو الذي لا يحسد *ابنه* على موهبته وتفوقه بل بتفوقه يتباهى ويفرح ويفاخر
*والأب وحده*هو الذي يخفي أخطاء إبنه ويغفرها وينساها
*والأب وحده*هو الذي يتمنى أن يكون ابنه أفضل منه في حياته
تأنيب *الأب لابنه*
مؤلم في حينه
لكنه *دواء* ناجع حلو المذاق بعد التعلم منه والتماثل للشفاء والاستقامة
تأنيب *الأب* يصدر من جوار *قلبه*
لا من جدار قلبه
إذ يتألم وهو يؤنب ابنه
*قلب الأب*هبة الله الرائعة *لأبنائه*
ومن لا يستطيع أن يقوم بواجب *الأبوة* تجاه *أبنائه*
فلا يحق له أن يتزوج وينجب الأبناء
أخيراً أقول :
الأم تحب من كل قلبها
والأب يحب بكل قوته
﴿رب ارحمهما كما ربياني صغيراً﴾
اللهم أصلح لنا نياتنا وذرياتنا .
مقال جميل أعجبني
يقول كاتب المقال :من حيث المبدأ
نحن متساوون في الحقوق والواجبات بل في ساعات المكوث في البيت أيضاً
فمهنتي كاكاتب لا تتطلب مني الخروج اليومي إلى العمل ولا الذهاب إلى الصحيفة
ولا الالتزام بالجلوس خلف المكتب من الثامنة إلى الثالثة كالموظف المعتاد
فغالباً أقضي نهاراتي في البيت
*الزوجة* تفكر في طبخة العيال
*وأنا* أفكّر في طبخة المقال
هذا الجلوس الطويل كشف لي عن أهمية
« ظل الرجل»في البيت
فعندما يحضر *الأولاد* من المدرسة
ينحنون نحو اليسار بحثاً عن *أمهم*
ولا ينحنون إلى اليمين حيث مكتبي بحثاً *عنّي*
رغم أن مكتبي مقابل للمطبخ تماماً
لا أتوقّف كثيراً حول
هذا « *التطنيش* »
أحياناً أسمع *أمهم* تقول لهم:
« سلمتوا على *أبوكم*؟
روحوا سلموا »
بين هذا الطلب وتنفيذه
يستغرق الأمر من ربع إلى نصف ساعة
ولا أتوقف كثيراً حول
هذا « *التطنيش* » أيضاً
فالدنيا زحمة
والطرق المؤدية من المطبخ إلى غرفتي تشهد ازدحاماً مرورياً كبيراً
بسبب « حلة المدارس »
وقد يستغرق منهم الوصول *إليّ* وقتاً أطول في نهاية المطاف يصلون *نحوي* فرادى وبقبلٍ باردة ممزوجة
بطعم الشيبس الحار وعلكة الفراولة
بعد أن يكونوا قد أكلوا ما أحضروه من مدارسهم الخميس الماضي وفور وصول أكبر الأبناء
خرجت بالصدفة من مكتبي لأرتدي سترة من غرفة النوم
فوجدته يقف في المطبخ يهمّ بمناولة« الست الوالدة »شيئاً ما
وعندما *رآني* تراجع وأخفاه خلف ظهره فأكملت طريقي دون انتباه
وعند العودة ضبطته وهو يضع قربها
« أصبع شوكولاتة» فاخراً
قد اشتراه لها من مصروفه وعندما رآني خجل مني ولم يعرف كيف يتدارك الموقف
ثم بعد ثوانٍ حاول أن يخرج من جيبه حبة حلوى « ليمون»كانت ملتصقة في قعر الجيب بالكاد أخرجها
وعليها بعض قطع المحارم محاولاً إهدائي إياها شكرته وأعدتها إلى جيبه
أنا لا أتوقف كثيراً حول هذا « التمييزالعنصري »
صحيح أن *الشوكولاتة* التي اشتراها *لأمه* لذيذة جداً
ونفسي فيها إلى هذه اللحظة لكنني لا أنزعج من ميلهم كل الميل*نحو أمهم* .
رغم كدّ *الأب* وسفر *الأب*وتعب *الأب* وحنان *الأب*
إلا أن الجنوح يكون
*نحو الأم*
وهذه طبيعة فطرية لا نتحكّم فيها
الغريب أن *الأولاد*لا يكتشفون حبّهم الجارف *لآبائهم*إلا متأخراً
إما بعد الرحيل وإما بعد المرض وفقدان الشهية للحياة وهذا حب متأخر كثيراً حسب توقيت *الأبوة*
الآن كلما تهت في قرارأو ضاق عليّ طوق الحياةأو ترددت في حسم مسألة
تنهّدت وقلت :« *وينك يا بابا* »
لو أعرف أن العمر قصير إلى هذا الحد
لكنت أكثر قرباً منك
*انتهى المقال*
*تعليق أحد الفضلاء* :
نحن نعرف قيمة *الملح* عندما نفقده في الطعام
وقيمة *الأب* عندما *يموت* ويشغر مكان جلوسه في البيت
إذ عندما *يموت* يفتقد *الأبناء* وجود ذلك البطل في حياتهم الذي كان يقودهم بثبات إلى بر الأمان
فالأسرة كلها مع *الأب* في رحلة الحياة
كراكبي قطار في سفر طويل لا يعرفون قيمة قائد القطارإلا عندما يتعطل بهم
ويبدأ قائده في التفاني لإصلاحه وإعادة تشغيله رغم ضخامته
*الأب وحده*
هو الذي لا يحسد *ابنه* على موهبته وتفوقه بل بتفوقه يتباهى ويفرح ويفاخر
*والأب وحده*هو الذي يخفي أخطاء إبنه ويغفرها وينساها
*والأب وحده*هو الذي يتمنى أن يكون ابنه أفضل منه في حياته
تأنيب *الأب لابنه*
مؤلم في حينه
لكنه *دواء* ناجع حلو المذاق بعد التعلم منه والتماثل للشفاء والاستقامة
تأنيب *الأب* يصدر من جوار *قلبه*
لا من جدار قلبه
إذ يتألم وهو يؤنب ابنه
*قلب الأب*هبة الله الرائعة *لأبنائه*
ومن لا يستطيع أن يقوم بواجب *الأبوة* تجاه *أبنائه*
فلا يحق له أن يتزوج وينجب الأبناء
أخيراً أقول :
الأم تحب من كل قلبها
والأب يحب بكل قوته
﴿رب ارحمهما كما ربياني صغيراً﴾
اللهم أصلح لنا نياتنا وذرياتنا .