المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سلمان الفارسي ..


اللحالي
08-07-2014, 12:46 AM
قال سلمان :

كنت فتى فارسيا من أهل (أصبهان) من قرية يقال لها : (جيان) .

وكان أبى (دهقان) القرية وأغنى أهلها غنى وأعلاهم منزلة .

وكنت أحب خلق الله اليه منذ ولدت ثم ما زال حبه لى يشتد ويزداد على الأيام حتى حبسنى فى البيت خشية على كما تحبس الفتيات .

وقد اجتهدت فى (المجوسية) حتى غدوت قيم النار التى كنا نعبدها وأنيط بى أمر اضرامها حتى لا تخبو ساعة فى ليل أونهار ....

وكان لأبى ضيعة عظيمة تدر علينا غلة كبيرة زكان أبى يقوم عليها ويجنى غلتها .

وفى ذات مرة شغله عن الذهاب الى القرية شاغل فقال :

يا بنى انى قد شغلت عن الضيعة بما ترى فاذهب اليها وتول اليوم عنى شأنها فخرجت أقصد ضيعتنا وفيما أنا فى بعض الطريق مررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون فلفت ذلك انتباهى .


لم أكن أعرف شيئا عن أمر النصارى أو أمر غيرهم من أصحاب الأديان لطول ما حجبنى أبى عن الناس فى بيتنا ...ا سمعت أصواتهم دخلت عليهم لأنظر ما يصنعون .

...ا تأملتهم أعجبتنى صلاتهم ورغبت فى دينهم وقلت :

والله هذا خير من الذى نحن عليه فو الله ما تركتهم حتى غربت الشمس ولم أذهب الى ضيعة أبى ثم انى سألتهم :

أين أصل هذا السن؟.

قالوا : فى بلاد الشام .

ولما أقبل الليل عدت الى بيتنا فتلقانى أبى يسألنى عما صنعت فقلت:

يا أبت انى مررت بأناس يصلون فى كنيسة لهم فأعجبنى ما رأيت من دينهم وما زلت عندهم حتى غربت الشمس ....

فذعر أبى مما صنعت وقال : أى بنى ليس فى ذلك الدين خير .... دينك ودين أبائك خير منه .

قلت كلا - والله – ان دينهم لخير من ديننا فخاف أبى مما أقول وخشى أن أرتد عن دينى و حبسنى بالبيت ووضع قيدا فى رجلى .

ولما أتيحت لى الفرصة بعثت الى النصارى أقول لهم :

(اذا قدم عليكم ركب يريد الذهاب الى الشام فأعلمونى ) .

فما هو الا قليل حتى قدم عليهم ركب متجه الى الشام فأخبرونى به فاحتلت على قيدى حتى حللته وخرجت معهم متخفيا حتى بلغنا بلاد الشام ....

...ا نزلنا فيها قلت : من أفضل رجل من أهل هذا الدين ؟.

قالوا : الأسقف راعى الكنيسة فجئته فقلت :

(انى قد رغبت النصرانية وأحببت أن ألزمك وأخدمك أتعلم منك وأصلى معك .

فقال : ادخل ؛فدخلت عنده وجعلت أخدمه .

ثم مل لبثت أن أعرف الرجل رجل سوء ؛ فقد كان يأمر أتباعه بالصدقة ويرغبهم بثوابها فاذا أعطوه منها شيئا لينفقه فى سبيل الله اكتنزه لنفسه ولم يعط الفقراء والمساكين منه شيئا حتى جمع سبع قلال من الذهب .

فأبغضته بغضا شديدا لما رأيته منه ثم ما لبث أن مات فاجتمعت النصارى لدفنه فقلت لهم :

(ان صاحبكم كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فاذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا .

قالوا : من أين عرفت ذلك ؟!.

قلت : أنا أدللكم على كنزه .

قالوا : نعم دلنا عليه فأريتهم موضعه فاستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وفضة ...ا رأوها قالوا :

والله لا ندفنه ثم صلبوه ورجموه بالحجارة .

ثم انه لم يمض غير قليل حتى نصبوا رجلا أخر مكانه فلزمته فما رأيت رجلا أزهد منه فى الدنيا ولا أرغب منه فى الأخرة ولا أدأب منه على العبادة ليلا ونهارا فأجببته حبا جما وأقمت معه زمانا ...ا حضرته الوفاة قلت له :

يا فلان الى من توصى بى ومع من تنصحنى أن أكون من بعدك ؟.

فقال : أى بنى لا أعلم أحدا على ما كنت عليه الا رجلا ( بالموصل) هو فلان لم يحرف ولم يبدل فالحق به .

...ا مات صاحبى لحقت بالرجل فى (الموصل ) ...ا قدمت عليه قصصت عليه خبرى وقلت له :

ان فلانا أوصانى عند موته أن ألحق بك أخبرنى أنك مستمسك بما كان عليه من الحق فقال :

أقم عندى .... فأقمت عنده فوجدته على خير حال .

ثم انه لم يلبث أن مات ...ا حضرته الوفاة قلت له :

يا فلان لقد جاءك من أمر الله ما ترى أنت تعلم من أمرى ما تعلم فالى من توصى بى ؟.... ومن تأمرنى باللحاق به ؟.

فقال : أى بنى والله ما أعلم أن رجلا على مثل ما كنا عليه الا رجلا (بنصيبين) وهو فلان فالحق به .

...ا غيب الرجل فى لحده لحقت بصاحب (بنصيبين) وأخبرته خبرى وما أمرنى به صاحبى فقال لى :

أقم عندنا.... فأقمت عنده فوجدته على ما كان عليه صاحباه من الخير فو الله ما لبث أن نزل به الموت ...ا حضرته الوفاة قلت له :

لقد عرفت من أمرى ما عرفت فالى من توصى بى ؟.

فقال : أى بنى والله انى ما أعلم أحدا بقى على أمرنا الا رجلا (بعمورية) هو فلان فالحق به فلحقت به وأخبرته خبرى فقال :

أقم عندى.... فأقمت عند رجل كان - والله – على هدى أصحابه وقد اكتسبت وأنا عنده بقرات وغنيمة .

ثم ما لبث أن نزل به ما نزل بأصحابه من أمر الله ...ا حضرته الوفاة قلت له :

انك تعلم من أمرى ما تعلم فالى من توصى بى ؟.... وما تأمرنى أن أفعل؟.

فقال : يا بنى - والله – ما أعلم أن هناك أحدا من الناس بقى على ظهر الأرض متمسكا بما كنا عليه ....

ولكنه قد أظل زمان يخرج فيه بأرض العرب نبى يبعث بدين ابراهيم ثم يهاجر من أرضه الى أرض ذات نخل بين حرتين وله علامات لا تخفى ....

فهو يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ....

وبين كتفيه خاتم النبوة فان استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل .

ثم وافاه الأجل فمكثت بعده (بعمورية) زمنا الى أن مر بها نفر من تجار العرب من قبيلة (كلب) .

فقلت لهم : ان حملتمونى معكم الى أرض العرب أعطيتكم بقراتى هذه وغنيمتى فقالوا :

نعم نحملك فأعطيتهم اياها وحملونى معهم حتى اذا بلغنا (وادى القرى) غدروا بى وباعونى لرجل من اليهود فالتحقت بخدمته ....

ثم ما لبث أن زاره ابن عم له من بنى (قريظة) فاشترانى منه ونقلنى معه الى (يثرب) فرأيت النخل الذى ذكره لى صاحبى (بعمورية) وعرفت المدينة بالوصف الذى نعتها به فأقمت بها معه .

وكان والنبى صلى الله عليه وسلم حينئذ يدعو قومه فى مكة لكننى لم أسمع له بذكر لانشغالى بما يوجبه على الرق.


ثم ما لبث أن هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم الى يثرب فو الله انى لفى رأس نخلة لسيدى أعمل فيها بعض العمل وسيدى جالس تحتها اذ أقبل عليه ابن عم له وقال له :

قابل الله بنى (قيلة) والله انهم الأن لمجتمعون (بقباء) على رجل قدم عليهم اليوم من مكة يزعم أنه نبى .

فما ان سمعت مقالته حتى مسنى ما يشبه الحمى واضطربت اضطرابا شديدا حتى خشيت أن أسقط على سيدى وبادرت الى النزول عن النخلة وجعلت أقول للرجل :

ماذا تقول ؟!أعد الى الخبر .... فغضب سيدى ولكمنى لكمة شديدة وقال لى :

ما لك ولهذا؟! عد الى ما كنت فيه من عملك .


ولما كان المساء أخذت شيئا من تمر كنت جمعته وتوجهت به الى حيث ينزل الرسول صلى الله عليه وسلم فدخلت عليه وقلت له :

انه قد بلغنى أنك رجل صالح ومعك أصحاب غرباء ذوو حاجة وهذا شىء كان عندى للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم ثم قربته اليه فقال لأصحابه :

(كلوا) .... وأمسك يده ... يأكل .

فقلت فى نفسى : هذه واحدة .

ثم انصرفت وأخذت أجمع بعض التمر ...ا تحول الرسول صلى الله عليه وسلم من (قباء) الى المدينة جئته فقلت له :

انى رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها .... فأكل منها وأمر أصحابه فأكلوا معه .

فقلت فى نفسى : هذه الثانية ....

ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو (ببقيع الغرقد) حيث كان يوارى أحد أصحابه فرأيته جالسا وعليه شملتان فسلمت عليه ثم استدرت أنظر الى ظهره لعلى أرى الخاتم الذى وصفه لى صاحبى فى (عمورية) .

...ا رأنى النبى صلى الله عليه وسلم أنظر الى ظهره عرف غرضى فألقى رداءه عن ظهره فنظرت فرأيت الخاتم فعرفته فانكببت عليه أقبله وأبكى .

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما خبرك؟!) .

فقصصت عليه قصتى فأعجب بها وسره أن يسمعها أصحابه منى فأسمعتهم اياها فعجبوا منها أشد العجب وسروا بها أعظم السرور .

،،
،

فسلام على سلمان الفارسى يوم قام يبحث عن الحق فى كل مكان .

وسلام على سلمان الفارسى يوم عرف الحق وأمن به أوثق الايمان .

وسلام عليه يوم مات ويوم يبعث حيا .

اصايل
08-07-2014, 09:48 AM
الله يعطيك العافيه

نقل مميز سلمت يمناك

كل التقدير والأحترام